الاثنين، يونيو 29
أبناؤنا بين القدوة والطموح
هذا الموضوع نزل في صحيفة المدينه بتاريخ الأحد, 28 يونيو 2009 , وعلى الرابط التالي http://www.al-madina.com/node/153678
-------------------------------------------------------------------------------------
المتتبع لسلوك أبنائنا في المدارس يلاحظ ان كثيرا منهم يعاني من فقد الرغبة في الدراسة والمعرفة و طلب العلم و في البحث عن الحقيقة العلمية , كذلك يلاحظ أنه لا يوجد طموح ولا هدف لكثير من الابناء بل استرخاء وأحلام وفرق بين الحلم والهدف طبعا ليس الجميع كما ذكرت ولكن الاغلب.
دعوني أتناول بعض الأمثلة والتي تكشف مدى الفارق في التحصيل العلمي لدى ابنائنا مقارنة بغيرهم:
تجري منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية دراسة سنوية على الطلبة في الرياضيات والعلوم في أفضل 50 بلداً في العالم لم يكن بينهم أية دولة عربية وظلت فنلندا الافضل لسنوات عديدة .
في بعض الدول الغربية قبل أن يتخرج الطالب من المرحلة الثانوية يكون قد أجرى مجموعة أبحاث أصيلة ليست ( قص ولزق ) بل أبحاث ذات طرق موثقة معترف بها.
في الهند على سبيل المثال يدخل الطلاب في منافسة حامية مع بعضهم من أجل الدرجة الكاملة وهناك كليات لا تقبل إلا أصحاب الدرجة الكاملة ويكفي أن بعض الجامعات والشركات الأمريكية تقبل الخريجين الهنود مباشرة دون شروط .
امّا لدينا فحدث عن الكم وليس الكيف حدث عن شكاوى الاهل والمعلمين فبعض الطلبة لا يعترف بالواجبات او المذاكرة المنزلية ولا حتى متابعة المدرس اثناء تأدية الحصة الدراسية والادهى من ذلك عدم وجود الاحترام للمدرسين, إذ بظني ان هناك انفصاما بين الطالب وبين العملية التعليمية رغم المليارات التي تنفق على التعليم لدينا اذ تعتبر من اكبر الميزانيات في العالم .
إذاً هناك مشكلة وهي فقد الرغبة في الدراسة وعدم الحرص على التعلم و المعرفة ولابد من البحث عن الأسباب ولنلقِ نظرة على ماذا يقبل أبناؤنا وبماذا يفكرون حتى نقترب من الحلول:
أحد أهم ما يجذب الأبناء هو كرة القدم وهذا ليس عيباً ولكن عندما نبالغ فيه ويصبح همّ الجميع وجل اهتمامهم فهذا مؤشر غير جيد وأحد أسباب الاهتمام الكبير بالكرة هي الأموال الضخمة التي تعطى للاعبي كرة القدم، ملايين تعطى عند التعاقد ومبالغ كبيرة كجوائز وهدايا وإعلام وشهرة كل هذا يجعل الشاب يحلم أن يكون نجما كرويا ويزهد في طلب العلم بل وينساه للابد.
سبب آخر: الفن ونجوميته والشهرة والملايين والاعلام كل هذا يجذب طائفة كبيرة من الشباب لأن يكونوا فنانين فيزهدوا في العلم وفي طلبه .
سبب آخر: الشعر والقنوات الشعرية والملايين التي تدفع للشعراء، وما شاعر المليون، والخمسة ملايين عنا ببعيد، وهذه إحدى الطرق السريعة للثراء ألا يجعلنا نزهد في العلم والتضحية من اجله.
سبب آخر: هو عدم وجود القدوة الصالحة الناجحة وان وجدت فالأضواء بعيدة عنها, الضوء يسلط على القدوات غير الفعالة وغير النافعة للمجتمع كالأمثلة التي ذكرناها سابقاً القدوة الصالحة هم النوابغ والعباقرة والناجحون والمخترعون والمفكرون والمبدعون والعلماء فيجب أن نسلط عليهم الأضواء وأن تُدفع لهم الأموال، يجب أن تكون مكانتهم عالية جذابة تجعل الجميع يحب أن يقتدي بهم وأن يفني وقته وعمره في سبيل النجاح في سبيل تحقيق آماله فالعلم يحتاج للجلد والتعب والمجهود والمثابرة فإذا كان هناك في الطريق مردود مادي أو معنوي فالكثير سيبذل ويتعب أما إن كان لا مردود فلن يسلك هذا الطريق إلا القلة.
أعجبني في هذا العام الاهتمام المتنامي بالمخترعين السعوديين وتسليط بعض الضوء عليهم غير أن هذا لا يكفي نريد المزيد، نريد الاهتمام بجميع المبدعين، ونوسع قاعدة المبدعين والمخترعين الطموحين، نريد الدعم لأوائل الطلبة في المدارس والجامعات دعما ماليا ومعنويا يتناسب مع اعمارهم وقدراتهم.
كذلك لا بد من معالجة المشكلة على كافة الأصعدة الفردي والأسري والمؤسساتي ومن ثم المجتمعي فعلى الصعيد الفردي على المرء ان تكون له أهداف عالية وطموح وعلى الصعيد الأسري نزرع في الأبناء ذلك الطموح والهدف العالي النبيل ونحثهم على التعليم والاكتشاف والتميز وحب المعرفة واما على المستوى المؤسساتي الحكومي والشعبي فجدير بنا دعم المثابرين والمتفوقين والمتميزين، دعمهم مادياً ومعنوياً وتسليط الضوء على انجازاتهم وإنتاجهم وذلك يشمل وزارات الإعلام والتعليم ووسائل الاعلام والمدارس وإدارات التعليم والجامعات والمعاهد والشركات وغيرها.
أعتقد أنه بتكاتف هذه العناصر الثلاثة – الفرد – الأسرة – المؤسسات، قد ننجح في تغيير النظرة نحو اهمية المعرفة
والتعليم والإبداع والابحاث.
أيضاً على مستوى المناهج والتدريس من المهم أن ننمي أسلوب التفكير المستقل والقدرة على الاستنباط وننمي الثقة في نفس الطالب ونرسخ مبدأ التجربة والبحث العلمي وإشعال روح المنافسة الشريفة بين الطلاب, والعمل على نشر الكتاب في البيت والمدرسة وفي الأماكن العامة والاهتمام بالمكتبات وتوفيرها في كل مدينة ودراسة الطرق لتشجيع الشباب على الإقبال عليها.
علينا أن نجعل قضية التعليم قضية قومية واستراتيجية على مستوى القمة وندرس أسباب الإخفاق وسبل الصعود بالأمة
د. أحمد جمعان أبو حفاش - مكة المكرمة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
حقا يادكتور
اولادنا تفقد الرغبة والحماس
ممكن من الاسباب انهم اصبح لديهم كل شىء
او الاهل واللامبالاة بزرع القيم والتى منها حب العلم ام المعلم الذى اصبح الة فقط وليس صاحب رسالة
اعننا الله على تربيتهم
إرسال تعليق