اضطرابات النمو الجسدي وقصر القامة
النمو هو عبارة عن عملية تغيير وتزايد في حجم وطول الجسم, ويحتاج النمو الطبيعي إلى تظافر عدة عوامل هامة منها وجود جينات سليمة وتغذية متوازنة واستقرار نفسي وخلو من الأمراض.
ويبدأ النمو من فترة ما قبل الولادة ويستمر حتى إنتهاء فترة البلوغ ويقدر الطول الطبيعي للمولود (50 سم) ويتضاعف إلى (100 سم) مع بلوغه العام الرابع و(150 سم) عند بلوغه 13 عاماً وينمو بمعدل 5 سم سنوياً بين 3 – 12 عاما.
ويعاني ما يقارب 3% من الناس في جميع المراحل العمريه من قصر القامة ويحدد قصر القامة لدى الأشخاص مقارنة بالأشخاص المحيطيين بهم وهناك جداول بيانات في كثير من الدول المتقدمة لتحديد النمو الجسدي وكثير من الأطباء يستعينوا بتلك الجداول البيانية التي أقرتها منظمة الصحة العالمية للنمو الطبيعي كما أن هناك جداول بيانية أصدرتها وزارة الصحة لدينا خاصة بالأطفال السعوديين.
عموماً عند إشتباه الأباء بأن نمو أبناءهم ليس طبيعياً فما عليهم إلا زيارة الطبيب الذي سيحدد الوزن والطول الصحيح للمريض ويضعه على الجدول البياني فإذا وجد أن الطول أقل من 5% على الرسم البياني أو أن سرعة النمو بطيئة أقل من (4 سم) في العام فعلى الطبيب البدء في تقصي الأسباب أو إحالة المريض للمختص , وهناك نوعان من قصر القامة نوع متناسق يكون هناك تساوي بين طول اليدين الممتدة مع طول القامة ونوع غير متناسق وسنتناول الأسباب الرئيسية لقصر القامة وطرق معالجتها.
أولاً: الأسباب العائلية :
فمن المعروف أن المورثات تنتقل من الأبوين إلى المولود وطول القامة من ضمن الخصائص التي يتم توريثها للأبناء فإذا كان أحد الوالدين قصير القامة فإن هناك إحتمالية أن يكون إبنه قصيراً كذلك ولكن الأمر نسبياً بالطبع فليس كل الأبناء يكونوا بطول واحد حيث كل منهم يتعرض لعوامل بيئية مختلفة نسبياً.
وهناك معادلة تساعد على تحديد متوسط الطول المورث للإبن حيث نحسب [ طول الأب + طول الام ÷ 2 + 7 سم ] للأولاد أو [ - 7 سم للبنات] فيعطينا المعدل المتوقع لطول الأبناء بعد البلوغ.
ثانياً: الأسباب البنيويه :
حيث يكون طول الوالدين طبيعياً وطول الطفل طبيعيا في الأعوام الثلاثة الأولى من عمره ثم يبدءا النمو في التباطؤ, ويستمر كذلك حتى سن الثاثه عشره وهو تحت الطول الطبيعي وما يلبث أن يزداد النمو سرعة تدريجياً حتى يصل للطول الطبيعي وعادة ما يكون البلوغ متأخراً ويستمر النمو إلى فترة متأخرة قد تصل إلى العشرين من العمرً ويتميز هؤلاء بتأخر ما يسمى العمر العظمي لديهم عند عمل أشعة لليد وهؤلاء لايحتاجون إلى علاج سوى تطمين نفسي وغذاء متوازن وعدم مقارنتهم بأقرانهم.
ثالثاً: الأسباب الغذائية :
وهذه من أهم وأكثر أسباب ضعف النمو ويلاحظ إنخفاض شديد في الوزن بالإضافة لتوقف النمو وقد يكون السبب نقص كمي في الغذاء كما يشاهد في بعض الدول الفقيرة أو عدم القدرة على تناول كمية كافية من الغذاء لوجود أمراض في الجهاز الهضمي كالترجيع مثلاً أو عدم معرفة الأم باساليب الرضاعة وكمية الحليب المعطى للطفل الرضيع أو سوء في إمتصاص الطعام وقد يكون النقص كيفي وليس كمي مثل نقص الحديد أو فيتامين (د) أو أي من المعادن والفيتامينات المعروفة أو البروتين الغذائي, وعلاج هذه الحالات بإعطاء الغذاء المتوازن كما وكيفاً من بروتينات (لحوم, دجاج, أسماك, وحليب) وكربوهيدرات (نشويات وسكريات) ودهون وتوفير المعادن والفيتامينات (الفواكه والخضار والبقوليات).
رابعاً: الأمراض المزمنة :
وهذه أيضاً من أكثر اسباب قصر القامة شيوعاً مثل الربو المزمن, الفشل الكلوي, الإلتهابات المزمنة والإسهال المزمن وسوء الإمتصاص.
ويتم علاج المسبب الرئيسي فمثلاً الربو حيث هو واسع الإنتشار فيتم التأكد من أن المريض يتلقى العلاج المناسب ولا يعاني من صعوبات في التنفس ومالم يتم علاج المرض الأساسي والسيطرة عليه فإن نمو المريض لن يتحسن.
خامساً: الأمراض الوراثية :
وهذه قائمة طويلة من الأمراض يكون فيها القصر شديداً وقد تكون مصحوبة بأمراض أخرى مثل التخلف العقلي , أمراض العظام , أمراض القلب, والكبد ومن أكثرها شهرة متلازمة داون ومتلازمة تورنر وبرادر ويلي – وقد أتفق كثيراً من خبراء النمو على أن مرضى متلازمة تورنر من المهم علاجهم بهرمون النمو حيث أن لديهم قدرات عقلية طبيعية في معظم الأحيان وقد يستجيبوا للعلاج.
سادساً- ضعف النمو قبل الولادة:- الوزن الطبيعي عند الولادة 2.5 – 4 كجم وقد وجد أن بعض المواليد اقل من 2 كجم يكون نموهم ضعيفاً ، ولهذا يجب متابعة هؤلاء الأطفال خلال العامين الأولى من حياتهم وإذا وجد أن لديهم ضعف بالنمو فإنه ينبغي علاجهم بهرمون النمو وقد ثبت استجابة كثيراً منهم للعلاج الهرموني.
سابعاً- الأسباب النفسية:- أثبتت دراسات عديدة أن وجود الطفل في بيئة غير مستقرة نفسياً يبطء نموه بصورة كبيرة وعند نقل بعض هؤلاء الأطفال إلى بيئات صالحة لوحظ تغيير سريع في معدل النمو لديهم، لذا فمن المهم العمل على توفير بيئة المناسبه والمريحة للطفل حتى يتكامل نموه الجسدي والنفسي.
ثامناً- النمو الغير متناسق:- وغالباً ما يكون بسبب تشوه في نمو العظم ومن العوامل المسببه لين العظام والغدة الدرقية واختلال نمو العظم الوراثي ومن أهم العوامل الضرورية للوقاية من لين العظام هو التعرض للشمس لفترة خمس دقائق يومياً وهذا هام في جميع المراحل العمرية.
المعالجة:-
كما ذكرت سابقاً فلا بد من معرفة المسبب أولاً لضعف النمو ومن ثم العلاج حسب السبب
فإذا كانت التغذية فلا بد من توفير الغذاء المتوازن ذو الطاقة العالية (المكسرات – اللحوم –الزيوت - الفواكه – التمر – القمح وغيرها).
إذا كان مرض عضوي فيتم التركيز على علاجه والتأكد من أن المريض لا يعاني من أثار المرضى.
أما نقص الهرمونات فيتم إعطاء الهرمون البديل المناسب ومن أكثرها شيوعاً هو نقص هرمون الغدة الدرقية وهناك علاج متوفر وبسيط لهذا المرض.
هرمون النمو أحد العلاجات الهامة في هذا المرضى وهو مصنع بطريقة الهندسة الوراثية وتم استعماله الآن لأكثر من 25 سنة وهناك دواعي متفق عليها لاستعمال هرمون النمو وهي:-
1. نقص هرمون النمو الوراثي أو المكتسب.
2. الفشل الكلوي.
3. متلازمة تورنر
4. قصر القامة المصاحب لنقص الوزن الشديد عند الولادة
أما بقية الدواعي لاستخدام هذا الهرمون فهي مختلف عليها بين المختصين في أمراض النمو.
إذا كان السبب نفسياً فلا بد من توفير البيئة الملائمة السليمة أما الأسباب البنيوية لقصر القامة فهي مشكلة مؤقتة حيث أن طول النهائي يكون طبيعياً إذاً ما علينا إلا أن نعمل على تطمين الشخص بأن الأمور ستكون جيدة و لا داعي للقلق وتجنب المقارنة بالأشخاص الآخرين
اعداد د/ احمد ابوحفاش الزهراني
استشاري الغدد الصماء وامراض الاطفال